--------------------------------------------------------------------------------
احذروا الفقاسات الحزبية ( المخيمات الصيفية )
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
من النَّعم التي أنعمها الله علينا نعمة الولد , وهذه النعمة لا بد أن نحافظ عليها باختيار الصحبة الصالحة له التي تعينه على طاعة الله , وحتى تنفعنا بعد مماتنا لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا تصاحب إلا مؤمناً ولايأكل طعامك إلا تقي " { أخرجه الإمام أحمد والحديث حسن } , ولقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم يُنتفع به أو ولد صالح يدعو له " { أخرجه مسلم } .
وبمصاحبة الأخيار من المؤمنين يترتب عليها الخير الكثير , لأن المرء مجبول على الإقتداء بصاحبه والتأثر بعمله وسلـوكه , لقـولـه صلـى الله عليه وسلم : " المـرء علـى دين خليلـه فلينظـر أحدكم من يخـالل " { أخرجه أبو داود والترمذي والحديث حسن } .
وإذا جالست الصالح تأدبت بمجلسه , وتخليت عن المعصية مراعاة لمكانته , وتقديراً لمنزلته فيكون في هذا التخلي الدائم عن المعاصي , وهذا فيه حفظ للوقت الذي هو الحياة لقوله صلى الله عليه وسلم : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ " { أخرجه البخاري } .
ونحن الآن على أبواب الإجازة الصيفية والغاية منها أن يرتاح الطالب من عام دراسي مضى والإستعداد لعام دراسي قادم , ومن حق الطالب في هذه الإجازة الاستفادة منها , مع رعاية أولياء أمورهم لهم , والمحافظة عليهم من الاختلاط بأصدقاء السوء , حتى لا يتأثروا بهم من سب الذات الإلهية والشتم واللعن والتلفظ بالألفاظ البذيئة , وتحذيرهم من الميسر بأنواعه كاليانصيب ولعب الطاولة والشدة وشرب الدخان لأنها تسبب العداوة والبغضاء , وتجر إلى المحرمات من تعاطي المخدرات والمسكرات , والابتعاد عن شبكة " الإنترنت " التي تنشر الفساد بين الشباب المراهق من الصور العارية والقصص الجنسية والتعلق بالأفلام الساقطة .
والـذي نحـن الآن بصدده " الفقـاسات الحزبية " الـتي يُـنفـق عليهـا الأموال الطـائلة تحـت شـعــار " المخيمات الصيفية " التي هدفها وغايتها تأطير الشباب وتوجيههم إلى أفكار حزبية , فيدخل الشاب فيها على الفطرة السليمة ويتخرج منها حزبياً مكفراً حاقداً على كل من يخالفه في فكره وهذا كله من الخطب والمحاضرات النارية التهييجية التي تولد منها أمران :
1- الخروج على الحكام
2- التكفير
وهاتان مرحلتان من مراحل الانحراف بسبب مخالفة السنة في الدعوة إلى الله
فبدءاً : بالتهييج السياسي على المنابر باسم التوعية الإسلامية .
وتثنيةً : بالتعبئة الجماهيرية باسم المحافظة على الهوية الإسلامية .
وتثليثاً : بالخروج على الحكام باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وتربيعاً : بتكفير المسلمين باسم الولاء والبراء .
وتخميساً : بالتفجيرات العشوائية والمجازر الجماعية باسم الجهاد . { فتاوى العلماء الأكابر ص17-18 } .
وإذا تربى الشباب على هذه الأفكار الحزبية , حافظوا عليها أكثر من محافظتهم على الفرائض , بل يعتقدون أنها من دين الله , ويدافعون ويناضلون عنها , وهذا ما يهدف إليه القائمون على هذه المخيمات الصيفية , ومما يدلل على ذلك أن أكثر القائمين على هذا المخيمات لا علاقة لهم بالعلم الشرعي ومنابعه الأصلية , فلا اهتمام بالعقيدة وما يضادها من الشرك , وهذه عادة أهل الأهواء والبدع , الذين تأسسوا على عدم حب العلم , وعلى الطعن في العلماء الربانيين , وهذا أسلوب من أساليب الجماعات السياسية الحركية , التي تريد أن تكسب الشباب بهذا الأسلوب , وتريد أن تبعدهم عن العلم النافع , ويشغلون أوقاتهم بالتمثيل والموسيقى والمسرحيات والأناشيد , والغناء والرقص للفتيات حتى يستولوا على عقولهم وهذا ما يسمونه بالتربية _ زعموا _ .
وسُئل العلامة الشيخ الفوزان _ حفظه الله _ : " المراكز الصيفية يقام فيها التمثيل والأناشيد , ما رأيكم في ذلك ؟
أجاب : يجب على القائمين على المراكز الصيفية أن يمنعوا منها الأشياء التي لا فائدة منها , أو فيها مضرة على الطلاب , وأن يعلموهم القرآن والسنة والأحاديث , والفقه , واللغة العربية , وفي هذا غنية وشغل للوقت عن الأشياء الأخرى , وكذلك تعليمهم العلوم التي يحتاجونها في دنياهم كالخط والحساب والمهارات المفيدة , أما الأشياء التي يسمونها ترفيهية فهذه في الواقع لا ينبغي أن تكون في البرامج , لأنها تقتطع جزءاً من الوقت بلا فائدة , بل ربما تشغلهم وتنسيهم الفائدة التي جاءوا من أجلها , ومن ذلك التمثيليات والأناشيد , فإنه مجرد لهو ولعب , وتُدّرب الطلاب على متابعة المسرحيات والأغاني , التي تُبث في وسائل الإعلام المختلفة { الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة ص 3-4 } .
ومن أجل الاستفادة من الإجازة الصيفية , هناك حلقات لتعليم وتحفيظ القرآن الكريم في المساجد فإن كانت الحلقات تبدأ قرآنية وتنتهي قرآنية فعليك بهذه الحلقات , فهي حلقات شرعية وهي نافعة لحفظ كتاب الله , أما إن كانت تبدأ قرآنية وتنتهي حزبية , فالحذر كل الحذر منها , ولذا يجب علينا أن نحافظ على أولادنا ونحصنهم من الأفكار الحزبية , وللأسف الشديد أن من يقوم بترويجها والدعوة إليها أفوامٌ من بني جلدتنا , ويتكلمون بألسنتنا , ويتسللون بين صفوفنا , ويتخطفون أبناءنا من بيوتنا ومساجدنا ومدارسنا إلى مخيماتهم الصيفية , ورحلاتهم المسمومة ويلقونهم أفكارهم الهدّامة , وأن ما حدث من فتن بين المسلمين إلا من الشباب الذين تربوا وتخرجوا من هذه ( الفقاسات الحزبية ) وهذا خير شاهد عندما كثرت هذه الفقاسات الحزبية , وصار أهلها يتقبلون هذه الأفكار من هنا وهناك تفرقوا واختلفوا وتعادوا وتقاطعوا , بل شهروا السلاح في وجوه بعضهم بعضاً لأن لهم أهدافاً سياسية ومناهج سياسية .
وعلى أولياء الأمور من الآباء والمدرسين والخطباء والدعاة الوقوف أمام هذه الأفكار السياسية الدخيلة علينا , وردُ شبهاتهم والتحذير من مروجيها , فقد أصبح الباطل حقاً عندهم , وانقلبت الموازين والمقاييس في عقول الشباب , فكيف يميزون بين الحق والباطل , وبين الهوى والضلال ؟
فنسأل الله _ عزوجل _ أن يُهيء لهؤلاء الشباب دعاة صادقين مخلصين لا يريدون إلا وجه الله ولا يريدون للأمة إلا العزة والكرامة , ولا يطلبون منهم إلا التأسي بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم , والتمسك بهديه كتاباً وسنةً على فهم سلف الأمة .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبه
سمير المبحوح
12/جمادى الأولى/1427 هـ